الجمعة، 22 أبريل 2016

42° تحت الصفر


   عندما تنازل الملك عن عرشه يومها لم يكن هناك برنامج deep freez الذي قد يمكننا من العودة إلي أصل قاعدة بيانات الحكومة السابقة.
استولى أو ثار أو تآمر ووصل لسده حكم إحدى أفقر "لاحقا أغنى" الدول العربية ولربما عالميا بنسبة مع عدد السكان، ظهر بمظهر الملاك المنقذ وصفق له تعساء القوم ليبدأ علي نغمات رنين هتافهم مرحلة تعد الأحلك في تاريخ الشعوب ويبدأ ترمومتر تلك الدولة المسكينة في الهبوط رغم حرارة مناخها صيفا ودفئه شتاء. فلم تشفع لها ارتفاع حرارة رمالها ولا دفء شواطئها فلا وصف لها إلا بالصعود للهاوية. 
اعتقد وقد يكون جزما أن هذا الرجل سينتقل بهم الي جنة الفردوس ولكن الحرارة مازالت في الهبوط وهم لايشعرون. فعلقوا عليه كثير من الأماني وهو يعرف يقينا أكثر من جزمهم ان ذاكرتهم لاتعدوا كونها ذاكرة مؤقتة ويسهل مسح ماعليها من سيء وغرس مكانه قيم وأخلاق فاسده كفساد حكمه. فبدأ بالأقتباس من جارته مصر كل مايمكن استعارته أبتداء من مصطلح "الضباط الوحدويون الاحرار " الي " الاتحاد الاشتراكي العربي" مرورا ب" فلسفة الثورة لجمال عبدالناصر". لتبدأ معها حقبة الديموغوجيا والخطابات الحماسية والخبث السياسي لإبعاد الخصوم فغير العلم والنشيد واستنسخها من مصر واستلف المبادئ " حرية - اشتراكية - وحدة" من حزب البعث الاشتراكي ليلهب مشاعر القومية والعروبية والشعوبية وحصر الاستلام داخل ثورته واعتبر السنة وليد غير شرعي ونفرها.
صفق ذلك الشعب التعيس المسكين ظنا أن العالم قد بدأ يعبر عن إعجابه وحسده في آن واحد . وصلت درجة الحرارة الي -4° . وانطلق لمحو مؤسسات الدولة ومحاربة الثقافة بفوضى زعم انها ثورة ثقافية وفار تنور الشعب التعيس ليدمر بيده أساسات المؤسسات التي كانت من الممكن أن تكبح جماح هذا الغول الطاغية.
فلم يعد أحد يملك أو يتاجر أو يستثمر أو يسافر أو يقرأ إلا كما يريد العقيد.  حتى الرتب العسكرية وسلك الشرطة تجمدة مع "العقيد ".
وفي درجة حرارة -7° ... ظهر ذلك الفكر المارد الذي قلب موازين الحياة السياسية ليصنع أكبر أضحوكة في أخلاقيات وفلسفة السياسة قد يقف عندها المحللين عاجزين عن فهمها لأنها خليط من الفوضي والضحك علي الذقون وقتل آخر امل في إزاحة دكتاتور . فكانت سلطة " بفتح السين" الشعب . وفعلا اختلط الشعب وتدافع وتفاعل ظنا منه انه الحاكم لنفسه.
وأستمرت الحرارة في الهبوط الي -42° ليستفيق معها بعض المتمردين متوشحين بشجاعة تونس ومصر ليكملوا أيقونة ربيع عربي ولكن المتمردين ترعرعوا في بوتقة وافريز "ثلاجة" ذلك النظام ذاته الذي تمردوا عليه . فهل عسانا أن نصل بدرجة الحرارة الي درجة حرارة انسان عادي وطبيعي جدا 37.5° . لنتعافى من كل ذلك الجمود والتجمد ونهيأ ادمغتنا وعقولنا للبناء؟؟
فعلا انه برد شديد -42°  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق